فاعلية الفرد في المجتمع المتمدن
كلما حاولنا فك ّ ألغاز في الحياة، وجدنا أنفسنا أقل إدراكا لأسرارنا، و نحن نرى اليوم العالم يعيش في تسارع رهيب، تقلصت فيه المسافات، فأصبح قرية صغيرة، تفككت فيه أوصال احتكار المعرفة أو المعلومة، و مع هذا الانفتاح ظل البعض أسير أفكار بالية، لا تتجاوز أمتار حدود غرفته أو حيّه الذي يقطنه، و العالم حوله يعج حركة و يقظة و عطاء.
فهل يمكن العيش في أسْرٍ ضيق الأفق و العالم حولنا رحب؟
و هل يمكننا العيش مع ذهنيات تجاوزها الزمن بالسنين الضوئية ...
فاعلية الفرد في المجتمع المتمدن
كلما حاولنا فك ّ ألغاز في الحياة، وجدنا أنفسنا أقل إدراكا لأسرارنا، و نحن نرى اليوم العالم يعيش في تسارع رهيب، تقلصت فيه المسافات، فأصبح قرية صغيرة، تفككت فيه أوصال احتكار المعرفة أو المعلومة، و مع هذا الانفتاح ظل البعض أسير أفكار بالية، لا تتجاوز أمتار حدود غرفته أو حيّه الذي يقطنه، و العالم حوله يعج حركة و يقظة و عطاء.
فهل يمكن العيش في أسْرٍ ضيق الأفق و العالم حولنا رحب؟
و هل يمكننا العيش مع ذهنيات تجاوزها الزمن بالسنين الضوئية؟
أتخيل أن العقلاء لا يرهنون أنفسهم في سراديب مغيبة، و النور حولهم يملأ الأفق.
• إن الفرق كبير بين فكر مجتمع القبيلة أو العرش أو العائلة و بين فكر مجتمع المدينة فرق شاسع ، فالمجتمع الأول يبني الجماعة على حساب الفرد و لو كان متعلما أو مثقفا أو كان إطارا ، فإن ذلك الفضاء لا يوفر للفئة المستنيرة المكان، فيظل الفرد يعيش التهميش ، و تظل مساحة حرية الرأي مخنوقة، و يظل الفرد عاجزا أن يعبر عن نفسه، أو أن يعبر عن طموحاته المشروعة ، فذلك الفضاء يخنق الأنفاس لا يستطيع فيه المرء أن يشم نسمات الحرية، ، فيظل عاجزا أن يعبر عن نفسه ، و يكون الفرد في تلك البيئة نسخة طبق الأصل للزعيم الملهم الملفوف بعمامة القبيلة أو العرش أو العائلة المكونة من مجموعة من الأشباه المتناسقة؛ أفراد أسد على غيرهم، ضعيفة ههمهم أمام بعضها البعض .
إن المجتمع المنشود أتخيله مجتمع يبنى على الفرد القوي بما تحمله كلمة القوة من معاني، فهو فرد مثقف واع، متحصن بالأخلاق، يدرك حاجيات مجتمعه، يتفاعل مع مكونات مجتمعه، ليس نشازا، و ليس عنصريا، فرد يميل للتعاون، يقبل النصح و التوجيه ، يميل للتعايش، يتفاعل بإيجابية في الظروف الصعبة، يثمن الإجماع ، يعبر عن نفسه بكل حرية يملك رأيه وقراره. فهو ذلك الفرد العصبة القوية مع أمثاله ، و بمثل هؤلاء تتشكل الجماعة القوية المتماسكة المتجانسة، إن ذلك ، هو الحلم المنشود .
إن الحلم الذي ننشده، أن تكون لنا قوى حية تصوغ المجتمع على أسس متينة قوية ، قوامها الحق و العدل و القوة، مجتمع تحكمه الأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية وغيرها من الفعاليات المؤثرة، يشكل هذا البنيان العاصم للدولة و الأمة ، و هذه النظم هي التي تحكم اليوم العالم المتقدم ، و ما يسمى بنظام مؤسسات المجتمع المدني.
فكم نحن بحاجة ليتغير نمط تفكيرنا السلبي، فينصب اهتمامنا نحو الفرد الصالح القوي .
و بنفس الإهتمام يكون للأسرة نصيبها من الرعاية ، لأن الأسرة الرسالية المتفاعلة مع قيم الأمة و أصالتها، فالأسرة هي قوام المجتمع الصالح.
إن الأسرة في المجمتع هي التي تربي الأفراد على الفضائل، و هي التي توفر أجواء الحرية، يمارس الفرد حقه طليعي دون الإضرار بحقوق الآخرين، و في الأسرة تنسج لأواصر الإجتماعية القوية بين أفرادها ، فتنصهر تلك العلائق في كنف الأسرة فتزهر بالتعاون و التكافل. التآزر و المؤخاة.
إن القيم الحضارية التي. تنشدها في مجتمعنا جوهرها الفكر المتمدن الذي يقوده المفكرون والمتعلمون والناشطون في حقوق الإنسان ونظافة البيئة ومساعدة المرضى وكل ما يتعلق ببناء المجتمعات ورقيها وتطورها، أما مجتمع القبيلة فان مشكلتها تكمن في انه لايزال يقودها الأميون وأنصاف المتعلمين وأعداء الرأي المتعدد في ظل غياب تام للمتعلم والمثقف وصاحب الرأي المستنير مما يجعل مجتمع الغير متمدن يخسر قوة جماعته وتكافلها فيما يضر أكثر مما ينفعها ويجعلها دائما تعيش في الماضي ولا تسير في ركب الحضارة الذي لا يتوقف .
إن المجتمع الغير متمدن يتفاخر بالعصبية و الولاء الأعمى ، فتعجز تلك المجتمعات أن تحقق بتلك العصبية نصرا حضاريا تظل عاجزة أن تصنع يقظة، أو أن تبني حقا إنسانيا بسيطا، لأن الجهل المسيطر على عقول قادة ذلك الوسط يجعلهم يقدسون الألم والقيد خوفا من رؤية أشعة الحرية التي يعتقدون أنها سوف تكشف جهلهم وضعفهم أو تخوفا من زوال تلك الحقوق المكتسبة وهميا ،أو تفقدهم مجد الأباء المسلوب، و هو وهم زائف . إن ما يظنونه مجدا يملكونه كونهم لايزالون قادة على بعض قطعان من ينتمون إلى سلطانهم ، بهذا السلوك لا تبنى الجماعة. المتماسكة بهشاشة البنيان على حساب الفرد القوي.
بينما ذلك التماسك المزعوم لا يعدو أن يكون سوى نسيج لعلاقات وهنة؛ كانعكاس لخوف لدى كل فرد ضعيف وليس دليلا على قوة جماعية أو حزبية تمثل مجتمعا من أفراد أسوياء وأقوياء.
و في الأخير أوجه كلامي لكل مثقف واع له بصمته في المجتمع ، نريد أن تكون لنا مدرسة رائدة و ملعب حي و مكتبة ثرية ، و دار تجمع الشباب و منتزه يروح فيه الروح بعد التعب و مسبح ينعش البدن في هذا الحر الذي لا يطاق و لنا عيادات متخصصة مجهزة تتكفل بمرضانا ، نعم أتمناها في حيي، في بلدتي في بلديتي في ولايتي، في ربوع وطني الحبيب. أظن أن كل فرد واع يعي ما أقول .
المثقفون مثلكم و مثلي يقتلهم احتكار الحقائق، عن نفسي لا أرضى أن أكون معول هدم يستغل، و أنا حر أملك حريتي، لا أريد رهن نفسي عند أناس تجمعهم الأنانية، يرفضك لأنك مثقف، و لو تجاوزت الحدود لا أشعلوا الأطر المطاطية.
أقول هذا و أنا على عتبات الستين لا يخفيني أحد، أصرخ بأعلى صوتي أريد حريتي، أريد الخير لأهلي و وطني و أمتي ، لا أريد مناصب جوفاء لأكون زعيم قبيلة. يكفيني و يكفي أن أكون إنسانا يحب الخير لنفسه و أهله و أبناء بلدته و وطنه و أمته .
الأستاذ حشاني زغيدي
أظهر الكل ..الإسلام و معيار الصلاح
لست أدري ما أصاب العرب! مازالوا على عهدهم، يعيشون بأوهام الماضي البائد، يعيشون على رسم موروث الأباء كأني بهم ورثوا أمجاد الماضي التليد، لا ينفك أحدهم يتغنى كان أبي، و رثت شرف أبي، ورثت شرف الأكرمين. إنها عقدة الماضي تتجدد ، كلما أردنا أن نغير جلدنا العفن ، أخرجوا لنا من مخزونهم الأغنيات الماجنة.
إن الأباء الصالحين لم يورثوا ...
الإسلام و معيار الصلاح
لست أدري ما أصاب العرب! مازالوا على عهدهم، يعيشون بأوهام الماضي البائد، يعيشون على رسم موروث الأباء كأني بهم ورثوا أمجاد الماضي التليد، لا ينفك أحدهم يتغنى كان أبي، و رثت شرف أبي، ورثت شرف الأكرمين. إنها عقدة الماضي تتجدد ، كلما أردنا أن نغير جلدنا العفن ، أخرجوا لنا من مخزونهم الأغنيات الماجنة.
إن الأباء الصالحين لم يورثوا أبناءهم دينارا أو درهم، لم يورثوهم القصور و الدور، كما أنهم لم يورثوهم رقاب الناس و استعباد الناس، إن الأباء الصالحين ورثوا أبناءهم الأدب و الأخلاق، و رثوهم العلم و الفضائل، و رثوهم الذوذ عن الحياض و الدفاع عن القيم .
يقول الإمام علي كرم الله وجهه : "خير ما ورث الآباء الابناء الأدب" إن الأباء الصالحين لم يورثوا أبناءهم التعالي و الكبر و المكابرة على الخلق، و لم يورثوهم النيل من قيم الأمة و مبادئها ،و لم يورثوا احتقار شعائر الإسلام و الانتقاص من قدر ورث السلف الصالح
إن الأباء الصالحين ورثوا أبناءهم المكارم الجليلة، التي تحمل الخير و الهدي و الصلاح للدنيا، تحمل رصيدا يتجدد ، رصيد موصول بالنفع الدائم ، أتمثل ذلك الخير في أقوال مأثورة دونها الشعر و الأدب .
يقول الشاعر:
ورثنَا المجدَ عنْ آباءِ صدقٍ
أسَأنَا في ديارِهِمُ الصّنِيعَا
إذا الحَسَبُ الرّفِيعُ تَوَاكَلَتْهُ
بُناة ُ السّوءِ أوشكَ أنْ يضيعَ
و هذا حالنا اليوم أصبحنا نورّث صلاح الأباء للأبناء العاقين الأبناء المتمردين عن كل قيمة صنعها الأباء الفضلاء ، إن معيار صلاح الأبناء واحد لا يختلف فيه العقلاء، معيار له مؤشرات قيمية محددة ، معيار نستلهمه من المنهج الصحيح ، إنه معيار الصلاح، فالقريب من الأباء الصالحين القريب إلى منهج الصلاح، لأن الأصل المفاضلة بالخيرية و ليس غيرها ، فإن شد الأبناء عن منهج الصلاح و ابتعدوا عن القيم و المباديء الصالحة، فلا ينفعهم صلاح أبائهم، و لا رتب أبائهم و لا جهاد أبائهم و لا علم أبائهم ، لأن عمل الأبناء غير صالح .
و أحسب أن من كان مستنا فليقتدي بمحمد صلى الله عليه وسلم و من كان متبعا فليكن هديه الحبيب ، و الرسول أجلى لنا الغبار و أبان لنا الحق في المسألة بأن الذي يريد الحق عليه أن يشتري نفسه، لأن الحبيب لا يغني عن عشيرته و أحسابه و أبنائه و عمومته .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) قَالَ : ( يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) رواه البخاري (2753) ومسلم (206)
ولم نقف في أي من روايات الحديث على التصريح بالشفاعة ، ولكن معناها داخل ضمن الحديث : كما يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" في قوله : ( لا أغني شيئا ) إضمار : إلا إن أذن الله لي بالشفاعة " انتهى.
" فتح الباري " (8/502)
نسأل الله أن يردنا إلى الحق البين، فنحمل رسالة البشائر فننطلق بها في سماء الدنيا ننشر خيرها، نحمل نفعها للبشرية، نحمل الخير و نحن نقتدي بالصالحين العاملين الثابتين على الحق، نرجو رحمة ربنا و مغفرته، نرجو جنته و توابه.
الأستاذ حشاني زغيدي
أظهر الكل ..قرأت لسيّد قطب رحمه الله تعالى معظم مؤلّفاته ولم أذهب إلى المحرقة . قرأت مؤلّفه "في ظلال القرآن " فوجدت فيه من المتعة والسياحة وروح الحركة... ويكفي للقارئ أن يطالع "مفتاح كنوز في ظلال القرآن " لمؤلّفه محمّد يوسف عبّاس ، فهو مفتاح مختصر لكلّ محتويات المؤلَّف .
قرأت كتابه الرائع والبديع "التصوير الفنّي في القرآن الكريم" كتاب لا أحسب القارئ يملّ قراءته ، عن نفسي أحسب أنّ ما قرأته فيه سياحة رائعة للتأمّل وتدبّر القرآن الكريم .
قرأت كتابه "مشاهد يوم ا ...
قرأت لسيّد قطب رحمه الله تعالى معظم مؤلّفاته ولم أذهب إلى المحرقة . قرأت مؤلّفه "في ظلال القرآن " فوجدت فيه من المتعة والسياحة وروح الحركة... ويكفي للقارئ أن يطالع "مفتاح كنوز في ظلال القرآن " لمؤلّفه محمّد يوسف عبّاس ، فهو مفتاح مختصر لكلّ محتويات المؤلَّف .
قرأت كتابه الرائع والبديع "التصوير الفنّي في القرآن الكريم" كتاب لا أحسب القارئ يملّ قراءته ، عن نفسي أحسب أنّ ما قرأته فيه سياحة رائعة للتأمّل وتدبّر القرآن الكريم .
قرأت كتابه "مشاهد يوم القيامة في القران الكريم " كتاب خصّصه لوصف اليوم الآخر من خلال آيات القرآن الكريم ، فكان الكتاب حقيقة وصفا دقيقا ، حمل جمال اللغة ودقّة التصوير لمشاهد يوم القيامة ، ويكفي القارئ أن يتصفّح الكتاب و يقرأه قراءة متأمّلة فاحصة وله الحكم .
قرأت كتابه الرائع "السلام العالمي والإسلام " يكفي القارئ أن يتصفّح ذلك الكتاب ، ليتبيّن له ذلك الزيف والكذب والافتراء الذي طال مشواره ككلّ ، فسيد قطب رجل سلام ولكنّه رجل كشف زيف تلك الأنظمة الدموية المتعطشة للدماء ، فناله من التشويه ما ناله .
قرأت كتابه "الإسلام ومشكلات الحضارة " تلك الحضارة الملوّثة ، تلك الحضارة المعدومة القيم ، حضارة تعرّت من الأخلاق والفضيلة ، أحسبه كتابا كان ولا يزال من الروعة في مكان، أتمنّى لكلّ علماني أو متأثّر بتلك الحضارة الغربيّة ، أن يقرأ الكتاب ويعقد مقارنة بين ما هو مكتوب وذلك الواقع الفاضح لتلك الحضارة .
لقد ألّف سيّد في حياته 25 كتابا في شتّى الفنون الأدبيّة والتربويّة والفكريّة ، قرأت معظم كتاباته ولم نذهب إلى المحرقة كما يزعم أصحاب العقول المبرحة لاحتضان الغلوّ والتطرف ، تلك العقول المصنوعة في مخابر الظلام . قرأنا كتبه القيّمة فأشعّت نفوسنا ضياء ونورا ، وتفتّحت مداركنا لحقائق كبرى ؛ مفادها أنّ الإسلام منهج حياة ، و أنّ الإسلام دين للسلام العالمي ، كتب عزّزت في أفهامنا أنّ المستقبل لهذا الدين... هذه هي خلاصة قارئ لكاتب عملاق و مفكّر متميّز ، قراءة لكاتب عشق الحرّيّة ورفض الاستبداد .
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 14 / 09 / 2018
تحية خاصة لهذا الرجل، الشيخ الطاعن في السن، شيخ ناهز التسعين، أحببته لبذرة الشباب المشعة في روع هذا الرجل، أحببته لتلك القوة الداخلية التي صغر فيها الطغيان والجبروت، أحببته لثباته الأسطوري، يواجه الأمراض والمحن والسجن والجلاد وروحه لا تنحي، كبرت في عيننا معلمي، فدروسك لا تنسى لا يمحيها الدهر وجهادك لا يطمس، فك الله أسركم وأتابكم الله بعظيم أجره وجزيل متوبته فذلك البلاء العظيم.
إن حديثنا عن الرجل ليس من باب المجاملة أو الإشفاق، إنما هو وقوف عند محطات العطاء لتاريخ مشرق ومشرف، ملأ صفحات م ...
تحية خاصة لهذا الرجل، الشيخ الطاعن في السن، شيخ ناهز التسعين، أحببته لبذرة الشباب المشعة في روع هذا الرجل، أحببته لتلك القوة الداخلية التي صغر فيها الطغيان والجبروت، أحببته لثباته الأسطوري، يواجه الأمراض والمحن والسجن والجلاد وروحه لا تنحي، كبرت في عيننا معلمي، فدروسك لا تنسى لا يمحيها الدهر وجهادك لا يطمس، فك الله أسركم وأتابكم الله بعظيم أجره وجزيل متوبته فذلك البلاء العظيم.
إن حديثنا عن الرجل ليس من باب المجاملة أو الإشفاق، إنما هو وقوف عند محطات العطاء لتاريخ مشرق ومشرف، ملأ صفحات من الجهاد الطويل، فالرجل عرفته ساحات النضال ومقاومة المستعمر الإنكليزي في بلده مصر، فكان يرأس كتائب الطلبة في القناة السويس إلى غاية قيام الثورة المصرية، فكان الشيخ سجلا حافلا بالتضحيات خدمة لوطنه، وبذلك ضرب مثلا للمتشدقين أن ضريبة حب الوطن، هي بذل المهج والنفوس وتعريض النفس للمخاطر، حبا لتلك القطعة من وطنه، وفي هذا يكبر عطاء الرجال، فينالوا الأعجاب والتقدير خارج أرضهم ومن غير بني جلدتهم، حبا واحتراما فقد تعلمنا منه كما تعلمنا من أوطاننا كيف تكون رابطة الرجل لوطنه وأن هذه المحبة من صميم حبه لدينه.
مع هذا النضال يرتقي الرجل لمصاف الرجال المهتمين بالشباب فلا عجب وهو أستاذ رياضة بدنية واهتمامه بهذا الجانب الحيوي ناشئ من نبع فكرته التي رضع لبنها، وهي إحدى صفات الفرد المسلم، أن يكون قوي الجسم، تمثلا للحديث النبوي الشريف.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.
فقد ساح الشيخ في أرض الله الواسعة يرسم هدي الدعوة في بعدها العالمي يرعى شؤون الشباب فشغل منصب مستشار في الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمملكة العربية السعودية، يؤطر المخيمات العالمية ومؤتمراتها، كما شملت محطاته العديد من البلدان، الأردن وماليزيا وبنجلادش وتركيا وأستراليا وقبرص وألمانيا وبريطانيا وأمريكا وفي عمق إفريقيا، أن هذه الطاقات المميزة جدير أن يتلفت إليها الكتاب بالدراسة والتحليل لهذه الكاريزما من الشخصيات.
لا شك إن أمثال هؤلاء من عملة الرجال تترصدهم المخاطر والعقبات، لأن سجل حياتهم غير أولئك الذين يعيشون على هامش الحياة، لا يحملون الهم، أما شيخنا فقد شغلته هموم الأمة، أن لم يكن لها أمثال هؤلاء أصحاب الأقدام الراسخة الوفية الثابتة على الطريق تكون عرضة للمخاطر.
وقد سجلت هذه الملاحظات من خلال المتابعة والمطالعة وتقصي أخبار الرجال، فحق لهؤلاء أن يحظوا بالاهتمام والتقدير، فالحر يقر بالفضل ويعرف الأقدار والمقامات لأن المروءة لا تموت عند الأحرار.
والله أكبر ولله الحمد.
وثبتنا الله على الطريق غير مضيعين ولا مبدلين.
أظهر الكل ..في سكون الليل تحركت العواطف ، و سال الحبر و تولدت الأفكار الشاردة ، فكتبت أعصر أفكاري في هدوء الليل لعلي أستعيد الذاكرة ، حينها تركت الكلمات تتكلم دون أن إذن من أحد ، تكتب الأفراح و الشجن لتكشف الأسرار دون وجل .
الكلمات تدفعني لأسجل أحاسيسي
أسجل أفكاري و تواقيعي
أسجل أحاسيسي بلا استحياء بلا خجل
أسجل تغاريدي فالطيور تغني بلا خوف
و الكلمات تدفعني لأتكلم دون همس
أصبحت الكلمات ترفض لغة الإشارة
و الكلمات تدفعني لأثبت ذاتي
...في سكون الليل تحركت العواطف ، و سال الحبر و تولدت الأفكار الشاردة ، فكتبت أعصر أفكاري في هدوء الليل لعلي أستعيد الذاكرة ، حينها تركت الكلمات تتكلم دون أن إذن من أحد ، تكتب الأفراح و الشجن لتكشف الأسرار دون وجل .
الكلمات تدفعني لأسجل أحاسيسي
أسجل أفكاري و تواقيعي
أسجل أحاسيسي بلا استحياء بلا خجل
أسجل تغاريدي فالطيور تغني بلا خوف
و الكلمات تدفعني لأتكلم دون همس
أصبحت الكلمات ترفض لغة الإشارة
و الكلمات تدفعني لأثبت ذاتي
إن الكلمات ترفض غيابي
فالكلمات تدفعني لأستنشق الهواء الصافي
إن الكلمات تريدني سائحا يعشق الحقيقة
و يعشق الجمال و يعشق الحرية
هي الكلمات تطرق الأبواب بأدب
تطرق الأبواب في سكون الليل
تطرق الأبواب عند نسمات الصباح
هي الكلمات تطرق أبواب السماء
تناجي خالقها شوقا لعفو و غفران
تطرق الأبواب عند أصوات الأذان
تردد مع الإمام ألفاظ الإقامة
تطرق الأبواب عند أوقات السحر
تطرق الأبواب عند أوقات الإجابة
تدعو خالقها بصوت مبحوح يطلب النجاة
يطلب الإنابة
هي كلمات تستصرخ ذاتي
فتبعث في الروح الحياة و اليقظة
بعد طول سبات و طول غياب
هي كلمات تناديني و الحسرة تقتلها
لا تطرق السمع للخمول و للهروب
لا تطرق السمع للأوهام و الأحلام الزائفة
فالكلمات حائرة توشحت الأحزان
بنبرات تحمل الأمل
واصل مسيرك رفقة الأخيار
من يحملون النور في زمن الظلام
من يبعثون الأمل في زمن الضياع
من يحرسون الثغور أيام المحن
من يرفضون الزور و الفتن
من يزرعون الحب في القلوب
نطقت و ثغرها باسم :
هي الكلمات تصنعها الشفاه الصادقة
و يرسم حرفها قول و فعل
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 22 / 06 / 2017
أظهر الكل ..الرسول صلى الله عليه و سلم يؤسس البيان :
كان الرسول صلى الله عليه و سلم مؤيدا بالوحي من الله تعالى ومعوناته ، و مع ذلك أقام تلك الدعوة على المؤيدات البشرية مستحضرا كل المعاني الربانية في التأييد و النصرة . و قد ظهر هذا جليا من التربية الفريدة و المميزة لذلك الجيل الأول ، فكانت نوعية تلك التربية مركزة ، واجهت الواقع في المحك و في الميدان ، لأن مثل هذا النوع من التربية هو الكفيل و الضامن للصمود في مواجهة التحديات و المتاعب المرافقة للطريق .
...
الرسول صلى الله عليه و سلم يؤسس البيان :
كان الرسول صلى الله عليه و سلم مؤيدا بالوحي من الله تعالى ومعوناته ، و مع ذلك أقام تلك الدعوة على المؤيدات البشرية مستحضرا كل المعاني الربانية في التأييد و النصرة . و قد ظهر هذا جليا من التربية الفريدة و المميزة لذلك الجيل الأول ، فكانت نوعية تلك التربية مركزة ، واجهت الواقع في المحك و في الميدان ، لأن مثل هذا النوع من التربية هو الكفيل و الضامن للصمود في مواجهة التحديات و المتاعب المرافقة للطريق .
فكان السائر في الطريق مزودا بمناعة خاصة ، يقاوم بها تلك الهزات العنيفة ، لأن نواميس سنة التدافع تقرر أن الثبات للأصلح ، و أن الاستمرارية لصاحب المبادئ المضحي ، صاحب البذل و العطاء ، و للفرد الذي يضع كل مواهبه في خدمة تلك الغاية طاعة لله و الرسول صلى الله عليه و سلم .
الرسول يرعى البناء في الميدان :
كانت دار الأرقم هي المدرسة الأولى لتعهد ذلك الغرس الجديد بالتربية الرصينة ، لتربية أظهرت كل سمات المنهج في شموله ، منهج نقي صافي ، فأنشأ جيلا سليم العقيدة، صحيح العبادة ، مثين الخلق ، جيل استوعب كل الخصائص الدعوة . و إن الملفت في هذا البناء ، أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يهمل أقرب الناس إليه ، فكان أهل بيته أقرب داعم لهذه الدعوة ، فكانت الزوجة و الأبناء و أبناء العمومة و الأعمام ثم لتتسع الأوسع لتشمل أطياف المجتمع ، و هي قيمة يجب الوقوف عندها ، على رجل الدعوة عدم اهمالها ، .و تتأكد هذه الرعاية من حيث تأصيلها من خلال توجيه القرآن الكريم للرسول حاضا إياه لزوم المرافقة التربوية و المتابعة الميدانية للبيان . فلا يصرفه شاغل عن هذا المقصد باللفظ القرآني " اصبر نفسك " في قوله تعالى ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ من سورة الكهف
نماذج الرعاية النبوية للصحابة :
لقد كانت المعايشة الحسية و الشعورية للصحابة واقعا ملموسا في حياة الصحابة رضي الله عنهم من خلال المشاركة ، حيث لم تنفك حياة الصحابي عن حياة الرسول صلى الله عليه و سلم ، يعايش دقائق حياتهم في حله و ترحاله ، في فرحه و أشجانه ، يشاركهم مشاركة مكنت الصحابة الاقتداء الصحيح جسد توثيق حياة الدعوة قولا و عملا و تقريرا و صفة ، فلا تكاد جزئية بسيطة في مفصل حياة الدعوة تغيب عن الصحابي في حياة رسول الله ، ربما المقال لا يسعنا أن نعرض كل النماذج و لكن يكفينا عرض نماذج عملية مضيئة لتلك المعايشة .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سالت فسال الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لم اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف).رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
من ثمار الغرس التربوي للصحابة رضي الله عنهم :
لقد كان الغرس طيبا ، أثمر رجالا عظماء ، لم ترى الدنيا مثلهم ، تميزا في العطاء و التضحية و الجهاد، فكانوا حقا صمام آمان لهذه الدعوة المباركة ، فأبلوا البلاء الحسن في حياة الرسول، ثم أكملوا مشوارهم بعده صلى الله عليه ، حملوا تكاليف و واجبات دون كلل أو ملل ، وفاء لعقد و ميثاق ، فكانت أعمالهم كالدرر و المصابيح المضيئة ، فأقاموا صرح حضارة تحمل الروائع ، حوتها رفوف المكاتب ، و صدور العلماء و الأثار ، فمن يذكر أعمال الصديق أبي بكر و الفاروق عمر، و عطاء عثمان و فداء علي رضي الله عنهم وتضحية الزبير و طلحة و أبي عبيدة و خالد و أمهات المؤمنين و فاطمة بنت زيد نسيبة و القعقاع و أبي رواحة و مصعب رضي الله عن الصحابة أجمعين ، إنها قائمة طويلة لتاريخ حافل بالأعمال الكبيرة ليت ذاكرة الأمة تعود ، لتقرأ الروائع ، و تسجل صفحات تاريخ عاشته الأمة في رحاب التربية النبوية لجيل مميز، و ليتنا نتأسى بهم في الوفاء لديننا و لهدي رسولنا ، نحمل أثر ما حملوا ، فنمضي به في عزة ، نحمل النور و الهدي للإنسانية التائهة .
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 19 / 06 / 2017
حين يغيب الهدي :
سنكون لنا وقفات إيمانية نستعرض فيها نماذج من الاستعلاء المذموم لحالات بشرية استوقفتني في القرآن الكريم ، فيها دروس قيمة بليغة لهذا الكائن حين يشد عن الوحي و الهداية ، و حين تتفسخ فطرته السليمة ، و حين تغيب وعيه و رشده ، فتحل الكوارث ، خواتمها ضياع في الحياة ، و خزي و حسرة في الأخرة .
وقفة مع النمرود :
النمرود إنسان نازع الله في الخلق و العظمة ، فخص نفسه بصفات الربوبية يحيي و يميت ، و أعطى لنقسه ما لا يملكه ...
حين يغيب الهدي :
سنكون لنا وقفات إيمانية نستعرض فيها نماذج من الاستعلاء المذموم لحالات بشرية استوقفتني في القرآن الكريم ، فيها دروس قيمة بليغة لهذا الكائن حين يشد عن الوحي و الهداية ، و حين تتفسخ فطرته السليمة ، و حين تغيب وعيه و رشده ، فتحل الكوارث ، خواتمها ضياع في الحياة ، و خزي و حسرة في الأخرة .
وقفة مع النمرود :
النمرود إنسان نازع الله في الخلق و العظمة ، فخص نفسه بصفات الربوبية يحيي و يميت ، و أعطى لنقسه ما لا يملكه من الصفات ، فادعى أنه يتحكم في انهاء الآجال ، و يوقف مسار الحياة و النفس المكرمة ، و الحياة هبة من الله ، فمن يملك الخلق و يملك أمرها ، و يملك انهاء الأجل هو وحده سبحانه و تعالى ، و لكن غياب الوعي بحقائق الإيمان يورث المهالك .
أنهى الله سبحانه ذلك الجهل و ذلك الاستعلاء بحوار سجله القرآن الكريم في ايجار و ردت معه العبر و الدروس في سورة البقرة " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" و هي عبرة لمن يدعي أنه يملك الرقاب و الآجال .
وقفة مع قارون :
أما النموذج الثاني فهو مثال التعالي بالقوى المالية و الثراء و ملك منافذ التغول المادي و ما ارتبط معه من نفوذ جيو سياسي مع التحكم في الشؤون العامة و في صناعة القرارات المفصلية ، في بيئة فرعونية اعتمدت على الاحتكار و مركزة الثروة و التعالي على الحق و الصدود عنه ، جعلت منه القوى الضاربة في الأرض في جو الحرمان و تفشي كل مظاهر الفساد ، و في المقابل قابله فراغ روحي رهيب امتلك كل الجوانب الحياة ، و شعور بالانا فكان مثالا للتفاخر و التباهي المزين بالكبر .
و قد لخصت الآيات نهاية هذا النموذج بآيات روعة الإبداع قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُون َ. فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ . وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ من سورة القصص :76- 82 .
وقفة مع فرعون :
لقد أصحبت الفرعونية مضرب المثل لذلك الإنسان المتعالي في الأرض و المتكبر لقد احتلت قصصه من خلال تكرارها المراتب الأولى في القصص القرآني لعظم العبر المستقاة لتاريخ حافل بالاستغلال و الاستعباد و الإرهاب الاجتماعي و الاضطهاد السياسي و الجرائم ضد الإنسانية لم ترى لها مثيلا في تاريخ الإنسانية وصل حد ادعاء الألوهية و هو حد التعالي و التكبر .
و قد عرض القران الكريم قصته في وجوه متعددة في السور القرآنية ، نورد آيات منها تلخص أهم الأحداث التي تبين المعاني المذكورة السابقة .
" نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿3﴾ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿4﴾ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿5﴾ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴿6﴾ "
قصص و عبر :
إن قصص من عرضنا من النماذج دروس لكل إنسان و لكل متعال و متكبر و لكل من ادعى أن الأسباب و العوامل و الهيمنة و الاستعلاء تدوم فلو دامت لا دام العز لهؤلاء و لكن سنن الله ماضية ، فالحق يأخذ و لو بعد حين وقد ترك القرآن الكريم مصارع هؤلاء عبرة و عظة لنا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يذخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " [رواه الترمذي 2511 حديث صحيح
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 12 / 06 / 2017
أظهر الكل ..حين يغيب الهدي :
سنكون لنا وقفات إيمانية نستعرض فيها نماذج من الاستعلاء المذموم لحالات بشرية استوقفتني في القرآن الكريم ، فيها دروس قيمة بليغة لهذا الكائن حين يشد عن الوحي و الهداية ، و حين تتفسخ فطرته السليمة ، و حين تغيب وعيه و رشده ، فتحل الكوارث ، خواتمها ضياع في الحياة ، و خزي و حسرة في الأخرة .
وقفة مع النمرود :
النمرود إنسان نازع الله في الخلق و العظمة ، فخص نفسه بصفات الربوبية يحيي و يميت ، و أعطى لنقسه ما لا يملك ...
حين يغيب الهدي :
سنكون لنا وقفات إيمانية نستعرض فيها نماذج من الاستعلاء المذموم لحالات بشرية استوقفتني في القرآن الكريم ، فيها دروس قيمة بليغة لهذا الكائن حين يشد عن الوحي و الهداية ، و حين تتفسخ فطرته السليمة ، و حين تغيب وعيه و رشده ، فتحل الكوارث ، خواتمها ضياع في الحياة ، و خزي و حسرة في الأخرة .
وقفة مع النمرود :
النمرود إنسان نازع الله في الخلق و العظمة ، فخص نفسه بصفات الربوبية يحيي و يميت ، و أعطى لنقسه ما لا يملكه من الصفات ، فادعى أنه يتحكم في انهاء الآجال ، و يوقف مسار الحياة و النفس المكرمة ، و الحياة هبة من الله ، فمن يملك الخلق و يملك أمرها ، و يملك انهاء الأجل هو وحده سبحانه و تعالى ، و لكن غياب الوعي بحقائق الإيمان يورث المهالك .
أنهى الله سبحانه ذلك الجهل و ذلك الاستعلاء بحوار سجله القرآن الكريم في ايجار و ردت معه العبر و الدروس في سورة البقرة " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" و هي عبرة لمن يدعي أنه يملك الرقاب و الآجال .
وقفة مع قارون :
أما النموذج الثاني فهو مثال التعالي بالقوى المالية و الثراء و ملك منافذ التغول المادي و ما ارتبط معه من نفوذ جيو سياسي مع التحكم في الشؤون العامة و في صناعة القرارات المفصلية ، في بيئة فرعونية اعتمدت على الاحتكار و مركزة الثروة و التعالي على الحق و الصدود عنه ، جعلت منه القوى الضاربة في الأرض في جو الحرمان و تفشي كل مظاهر الفساد ، و في المقابل قابله فراغ روحي رهيب امتلك كل الجوانب الحياة ، و شعور بالانا فكان مثالا للتفاخر و التباهي المزين بالكبر .
و قد لخصت الآيات نهاية هذا النموذج بآيات روعة الإبداع قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُون َ. فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ . وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ من سورة القصص :76- 82 .
وقفة مع فرعون :
لقد أصحبت الفرعونية مضرب المثل لذلك الإنسان المتعالي في الأرض و المتكبر لقد احتلت قصصه من خلال تكرارها المراتب الأولى في القصص القرآني لعظم العبر المستقاة لتاريخ حافل بالاستغلال و الاستعباد و الإرهاب الاجتماعي و الاضطهاد السياسي و الجرائم ضد الإنسانية لم ترى لها مثيلا في تاريخ الإنسانية وصل حد ادعاء الألوهية و هو حد التعالي و التكبر .
و قد عرض القران الكريم قصته في وجوه متعددة في السور القرآنية ، نورد آيات منها تلخص أهم الأحداث التي تبين المعاني المذكورة السابقة .
" نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿3﴾ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿4﴾ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿5﴾ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴿6﴾ "
قصص و عبر :
إن قصص من عرضنا من النماذج دروس لكل إنسان و لكل متعال و متكبر و لكل من ادعى أن الأسباب و العوامل و الهيمنة و الاستعلاء تدوم فلو دامت لا دام العز لهؤلاء و لكن سنن الله ماضية ، فالحق يأخذ و لو بعد حين وقد ترك القرآن الكريم مصارع هؤلاء عبرة و عظة لنا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يذخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم " [رواه الترمذي 2511 حديث صحيح
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 12 / 06 / 2017
صديقي المثقف :
موهوم من يعتقد أن مشكلتنا ثقافية بقدر ماهي أزمة مثقفين في العمق . فمتي يعود المثقف لحضن أمته فيكون حصنا لهويته غيورا على وطنيته مهتما بشؤون أمته .
صديقي المثقف :
ما يمنع صديقي المثقف أن تكون مبدعا و لك ذوق راق ، فلا يمنع ذاك الرقي أن تكون لك معه رسالة ، و ما يمنعك أن تعشق الفن و الجمال و لكن ذلك الجمال يزيد بهاء و روعة لو زينته برفعة الروح و سمو القيم .
صديقي المثقف :
و لا يمنع صديقي المثقف أن ...
صديقي المثقف :
موهوم من يعتقد أن مشكلتنا ثقافية بقدر ماهي أزمة مثقفين في العمق . فمتي يعود المثقف لحضن أمته فيكون حصنا لهويته غيورا على وطنيته مهتما بشؤون أمته .
صديقي المثقف :
ما يمنع صديقي المثقف أن تكون مبدعا و لك ذوق راق ، فلا يمنع ذاك الرقي أن تكون لك معه رسالة ، و ما يمنعك أن تعشق الفن و الجمال و لكن ذلك الجمال يزيد بهاء و روعة لو زينته برفعة الروح و سمو القيم .
صديقي المثقف :
و لا يمنع صديقي المثقف أن يحلق في دروب الابداع و المشاريع فتبرز مواهبك التي حباك الله بها و لكن الأرقى أحسبه لا يمنعك أن تضبطه بسمو أخلاقك و بمشاريع خادمة نافعة ، مشاريع تبني و لا تهدم ، مشاريع . مشاريع لا تحمل الزيف و الأراجيف .
صديقي المثقف :
و ما يمنع ان تقتل الضعف داخلك ، فتحيي بذلك أملا قد مات في النفوس اليائسة التي تتمنى أن تلمح النور في انطلاقتك الشجاعة فترسم أملا قد أوأده زيف الطابور و مرتزقة الأحلام الزائفة التي احترفت الفن و الثقافة و المسرح و الغناء و السياسة و الاقتصاد و قد قبضوا الثمن و سايروا التيار إما خوفا أو طمعا لتحقيق نزوة و مصلحة فانية . .
صديقي المثقف :
.و ما يمنع أن تكون سهما في نحر الظلام و الجهل و التخلف و التعصب ، فتكون لك كلمتك الحرة و غربالك الذي يسقط كل المعاني المنحرفة ، أتخيلك صديقي بوصلة موجهة ، و أداة كاشفة ، و عين فاضحة ، و جهد مبذول تشغله هموم امته ، و رجل يحمل مشعل العلم ، ينير العقول المتعطشة . هي همسة في أذن صديقي علها تعيد الأحلام المدفونة داخلك فأنت ابن أمتك .
هكذا تريدك أمتك صديقي المثقف
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 08 / 06 / 2017
أظهر الكل ..كل شيء يسبح بحمده :
يسبح الكون لله تعالى تسبيح إقرار و اعتراف بالإله الواحد المستحق للعبادة ، فيسبح الطير و الشجر، و يسبح الجماد و يسبح الورق في الشجر لله ، و يسبح الحوت في البحر ، وتسبح ذرات الرمل الذهبية لله ، و تسبح نسمات الصبح في شروقها لله ، ما في الوجود شيء و إلا و أنفاس التسابيح ترسل للسماء حبا لله و تعظيما لله تعالى . يقول جل شأنه " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ ...
كل شيء يسبح بحمده :
يسبح الكون لله تعالى تسبيح إقرار و اعتراف بالإله الواحد المستحق للعبادة ، فيسبح الطير و الشجر، و يسبح الجماد و يسبح الورق في الشجر لله ، و يسبح الحوت في البحر ، وتسبح ذرات الرمل الذهبية لله ، و تسبح نسمات الصبح في شروقها لله ، ما في الوجود شيء و إلا و أنفاس التسابيح ترسل للسماء حبا لله و تعظيما لله تعالى . يقول جل شأنه " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }الإسراء44 "
التسبيح يدلل الصعاب :
إن السير في دروب الحياة ، و السير في دروب الدعوة ، و تحمل مشاقها يضعف كيان النفس الضعيفة ، النفس المجبولة على الضعف ، و هي طبيعة فطرية لهذا الإنسان ، فيحتاج للمقويات يقوى بها على حمل هذه التكاليف المتنوعة ، إن حاجة أصحاب الدعوة و حملة رسالة الخير أكثر طلبا لهذا العون ، فالله سبحانه أولى من يلوذ إليه المحتاج ، و يلوذ إليه صاحب الكربات ، و يلوذ إليه كل من ضاقت به السبل ، ويلوذ إليه المظلوم ، و يلوذ إليه كل من سدت الأبواب الموصدة في وجه ، فليس هناك غيره يفك الضيق ، و ليس هناك غيره يزيل هموم النفس المتعبة بأزمات الدهر، و ليس غيره يشرح النفس فيبعث فيها السكينة و الهدوء، فتسعد الروح و يبعث فيها القوة الموجبة التي تكسر أعتى الأعاصير . يعرض القرآن الكريم في سورة الصافات نموذجا حيا لنبي الله يونس النبي المسبح يقول الله تعالى : " وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ " (148)
التسبيح دليل على صدق التعبد :
إن اكثر الناس لزوما للتسبيح هم أخلص الناس و أقرب الناس ، هم الأنبياء عليهم السلام و كل من سار على هديهم ، و قد كان حبيبنا محمدا أشد تعلقا بفن التسبيح و الدعاء ، حتى أقر المولى سبحانه و تعالى هذه الصفة تخصيصا فكان متضرعا مبتهلا ، يرجو رضا ربه مظهرا بين يديه ضعفه و حاجته في سكون الليل ، ليتقوى على تلك المصاعب و مواجهة ما يكره بالعبادة ، حتى نال الإقرار و الشرف من ربه عز و جل فيكفيك أن تتأمل هذه الآيات الكريمات لتعيش في رحابها " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ(97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ(98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ " (99) }سوره الحجر و قال الله تعالى : " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ " سورة المزمل: من الآية 20 وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه .. قالت عائشة : يا رسول الله أتصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا " رواه مسلم .
ما أجمل هذا الدعاء ، و ما أرقه و ما أقوى لغته ، و ما أجمل معانيه ، دعاء تجلى فيه قمة الأدب ، و ما أجمل تلك التسابيح المرسلة في رحلة الدعوية الثقيلة المكلفة . هناك و في الطائف بالتحديد ، و القصة معروفة يلجأ الحبيب بلسان المسبح ، طالبا العون و النصرة في غير سخط أو لعن أو يأس ، فكلمات الحبيب وحدها المعبرة لجماليات تلك الصورة الرائعة في فن التسبيح و الدعاء .
" اللهم اني اشكو اليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، انت رب المستضعفين وانت ربي لا اله الا انت ، الى من تكلني ؟ الى قريب يتجهمني ، ام الى عدو ملكته امري ، ان لم يكن بك سخط علي فلا ابالي غير ان عافيتك هي اوسع لي ، اعوذ بنور وجهك الكريم ، الذي اضاءت له السموات والأرض وأشرقت له الظلمات ، وصلح عليه امر الدنيا والآخرة من أن يحل علي غضبك او ينزل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حوة ولا قوة لنا الا بك "
إن حالنا اليوم مع هذه الخيبة التي تعيشها الأمة و هذا الضعف التي استشرى في مفاصل حملة المشاريع تحتاج منا إلى أوبة و رجعة إلى الله لتعود لنبعه الصافي لتعود لحياة بريقها ، فيعود الأمل المسلوب من القلوب التائهة المغيبة في سجون المادة الفاتنة ، وليزول من القلوب الخوف المزروع في أعماق النفس ، فنحطم تلك الآلهة المزعومة فتكون عبيدا لله تعالى، فنكسر الأعلال و السلاسل التي شلت حركتنا لنكمل المسير في ثقة في الله و نصره ، فيشع الخير في النفوس .
و الله أكبر و لله الحمد الجزائر في 20 / 03 / 2017