إن الأمن رغم صعوبة تحقيقه وتكلفة السعي وراءه، يبقى الدرع الرئيسي لتفعيل برامج التنمية و تطور المجتمعات، الأمر الذي هيأ المناخ لبروز عبارة شهيرة مفادها أنه: "لا تنمية دون أمن".
إن الأمن رغم صعوبة تحقيقه وتكلفة السعي وراءه، يبقى الدرع الرئيسي لتفعيل برامج التنمية و تطور المجتمعات، الأمر الذي هيأ المناخ لبروز عبارة شهيرة مفادها أنه: "لا تنمية دون أمن".
صفاقس في 20 جوان 2018.
أظهر الكل ..World development magazin.
U.S.A Michigan University.
Sfax in 20 June 2018.
أظهر الكل ..كانت شمس العشية قد جعلت الظل شرق الشيء، شعرت بالحرارة ففتحت المعطف وبدأت في التحديق في كل الأرجاء دون أن يتفطن أحد، كما لا أتفطن لأحد حين يراقبني، بفعل النظارات الشمسية التي أضحت فرض كفاية على الناس جميعا.
إن وسط مدينة صفاقس لم يعد رمزا للمدينة أبدا، ولم يعد مكانا ل ... "الدنكري من لباس للفقراء إلى موضة للأغنياء"، هذا العنوان بإحدى الجرائد المعلقة على باب أحد الأكشاك قد لفت إنتباهي وأنا جالس على كرسي دراجتي النارية أمام باب الجبلي، أنتظر صديقا حتى يأتي لنذهب في جولة إلى باب بحر وشط القراقنة.
كانت شمس العشية قد جعلت الظل شرق الشيء، شعرت بالحرارة ففتحت المعطف وبدأت في التحديق في كل الأرجاء دون أن يتفطن أحد، كما لا أتفطن لأحد حين يراقبني، بفعل النظارات الشمسية التي أضحت فرض كفاية على الناس جميعا.
إن وسط مدينة صفاقس لم يعد رمزا للمدينة أبدا، ولم يعد مكانا للتجول وللمواعيد وللتمتع بالمفترق الدوراني الذي يحيلك على خمسة طرقات تتفرع هي الأخرى إلى مئات المسالك والأنهج والزقاقات. بل إن وسط المدينة بسبب لامبالاة الناس وسوء تدبير حاكمهم وغياب برامج السلطة، تحول تدريجيا إلى فضاء تجاري غير مهيكل إلتقى فيه التجار بالتفصيل مع الحمالة والوسطاء وباعة السلع المهربة واللصوص والعاهرات ورجال الأمن وسياراتهم والمتسولات وباعة شرائح الهواتف ومحطة التاكسيات وباعة الملابس المستعملة وسلعهم التي ساهمت بطريقة أو بأخرى في خنق الوضع الذي يحتضر بطبيعته.
وكل هذا بطبيعة الحال دون التحدث عن الأدخنة المتصاعدة بعد دفع السيارات الخردة وصياح الباعة بنسق غير منظم أبدا، وموسيقى شعبية مختلطة بموسيقى الراي الجزائرية وتلاوات مختلفة للقرآن الكريم عن عبد الباسط والسديسي ومحمد رفعت والطبلاوي وصديق المنشاوي. وإكتظاظ بسبب خروج التاكسيات والحافلات من نفس المكان تقريبا ودخولهم في معمعة السيارات الخاصة والدراجات النارية حتى بدى المشهد كالجحيم يوم الحساب.
تحول وسط المدينة إلى ضاحية شعبية غير خاضعة للقوانين الجاري بها العمل. بل أكثر من ذلك، فوسط المدينة تحول إلى فضاء يعتاده ذئاب السوق الموازية ودكاكين الظلام ومن لف لفهم من بائعي المسروق والباحثين عن الإيناث ومروجي الحشيش والحبوب، وجامعي العلب والقوارير وأشاوس مراقبة مآوي السيارات.
دفع صديقي الدراجة لخطوات حتى إشتغلت ثم قفز ورائي، ثم وضع يديه وراء رقبتي وطفنا حول المفترق الدوراني وتوغلنا بين السيارات. إن صفاقس لا حق لها بأن تكون هكذا أبدا. مدينة رائعة حولوها إلى مكان مهجور غابت فيه الحياة.
قطط سمينة تبحث بين النفايات عن رزقها، أحد القطط مبقع وأعور، غبي لكنه يبدو شريرا، لا يكتفي أبدا بما يجوده عليه صاحبه. لقد ذكرني بشخص أعرفه جيدا، إنه أحد الكوادر الأمنية بالمنطقة، وهو الذي لا يقتنع أبدا بالراتب الذي تدفعه له الدولة شهريا، ولكن لعابه يسيل كلما تعلق الأمر بورقة أو إثنين من فئة عشرين دينارا، وأحيانا أكثر من ذلك إذا تعلق الأمر بمسألة أهم. يأتيه المبلغ كل يوم، قبل كأس الشاي بعد الفطور حتى يتمكن من هضم ما أكل وحتى تكون بقية سويعات العمل هادئة، وكأنه دخن سيجارة أرخت أعصابه.
إن صديقي هذا يفوقني سنا لكنه بطيء الفهم، لكنني تعلقت به أكثر من أي شخص آخر لا لأنه من مدينة صفاقس أي ظريف ويتحلى بروح الدعابة والذكاء، ولكن لأنه لا يعرف معنى المصلحة ولا الحسابات الصغيرة وغير أناني أبدا. بل أكثر من ذلك، فهو يتحمل عصبيتي وتسرعي وشتائمي، وتسللي بين السيارات بدراجة نارية تنفث الكثير من الدخان في بداية التحرك بسبب الحمولة.
شرد ذهني بعد أن مررت أمام محكمة الإستئناف ففكرت في معقولية الثورة من عدمها. وصلنا إلى الحانة وجلسنا بطاولة قريبة من الباب نسمع ضحكات السكارى كيف تختلط بأحاديثهم وأصوات الولعات وضرب الكؤوس والقنينات على الطاولات. ورجل يمشي على عكازين كيف يقفز برجل واحدة إلى الداخل بعد أن نزل من عتبة الباب متعطشالأول قنينة وأول كأس وأول جرعة.
إن للثورة مفهوم، وهو الخروج عن الوضع الراهن وتغييره والتطلع إلى الأفضل. لكن في تونس فالأمر كان كذلك ولم يصبح، فبعد الهبة الشعبية التي كانت عفوية والتي أطاحت بنظام فاشي، بلغت الثورة مفترق طرقات ثم سلكت طريقا غير معبد لتستقر كبريئة في بلدة سكانها من السفاحين والمشعوذين والمردة الذين يبحثون عنها.
لن أستعرض كل الأحداث التي إنطلقت منذ شهر ديسمبر 2010 ولا تلك السابقة له في بداية هذا القرن أو حتى القرن الذي سبقه، ولكن لمن يتمعن قليلا، بإمكانه ملاحظة الهوة الكبيرة بين الثورات القديمة والثورة التونسية بما أنها، ولا يختلف إثنان في ذلك، مصنفة ضمن أعظم الثورات في التاريخ البشري الحديث.
قامت الثورة أساسا على مطالب ليست نخبوية أو قطاعية، ولكنها مطالب شعبية نابعة من العامة الذين يقطنون الأكواخ والعاطلين عن العمل والمقموعين وضحايا التمييز والمحاباة. العامة أصابها جرح إنتفخ وإحمر ثم بدأ في التقيح إلى أن نطق المريض بما لا يعجب الحاكم ولا زبانيته من جلادين ووشاة ووسطاء ومنتفعين وإنتهازيين.
ولكن بعد الإطاحة بهؤلاء برز من هو أخطر منهم. لقد ظهرت مجموعة من قطاع الطرق الأوغاد الذين سلبوا في وقت وجيز أمتعة الذين ناظلوا لسنوات وعقود ضد النظام السائد وقتها. إحتلوا وسائل الإعلام المأجورة، بتحليلاتهم الركيكة وخضوعهم لجهات نافذة تأكل من حليب بقرة تعب الفلاح خلال حمايتها وتسمينها.
يحاولون إقناعنا بأن الثورة مصيبة، وأنها غير لائقة بشعوب العالم الثالث التي لن تجد أفضل من الزعماء الذين كانوا في الحكم. بل أكثر من ذلك، لقد وصلوا فعلا إلى السلطة رفقة مجموعة من الحاقدين على بطش النظام السابق، والإنتهازيين الباحثين عن الطمع وعن عظم يلعقونه ليتذوقوا طعم المال.
قالوا بطرق مختلفة أن الثورة حكر على الأوروبيين الذين خططوا للثورة مسبقا بثورات فكرية وثقافية هيأت المناخ للناس أولا لفهم الأمور. دونأن يتحدثوا عن أن الأوروبيين كانوا بحاجة إلى ثورة فكرية لتغيير وعي الناس وإزالة ثقافة الكنيسة التي كانت حاكمة آنذاك.
بعد ذلك بدؤوا يستعرضون الأرقام والنتائج ليدعموا حججهم، لقد قالوا أن نسبة الفقر زادت والمقدرة الشرائية للمواطن دمرت، والجريمة تفشت، والفقر ساد، والقروض تعددت، والإرهاب إستفحل والخونة إنتشروا. ثم ألقوا باللوم على المواطن البسيط الذي فجر غضبه في الشوارع ضد الأمنيين والمؤسسات، فضاعت الدولة في نظرهم.
هؤلاء يصرفون النظر عن الملفات الكبرى، عن البيترول وعن الدعم والمنح والخضوع والتهريب، يسخرون من كل نفس رافض بل ويتجاهلونه أو يشوهونه بإخراج كلابهم الشرسة إلى الشوارع، أو يقتلونه ويمنحون الطب الشرعي نصيبا هاما لتزييف التقارير.
بعد أن عدت لوعيي وجدت أنني فتحت القنينة السابعة وأنهيت نصف علبة السجائر. وصاحبي لعبت البيرة بدماغه فإتصل بإحدى العاهرات يشتمها ويقسم أنه لن يدفع لها أجرة البارحة حتى لو رفعت الأمر للقضاء. أظهر الكل ..
لا أتذكر أنني إرتديت تبانا، حتى قضيبي نشأ متوحشا متمردا كالسفاحين تماما، لا يعترف بالقوانين وبالتقاليد، مجرما وقاسيا. لم يعلمني أبي كيف يمكنني البقاء على قيد الحياة، بل تعلمت ذلك من الناس الذين لا يخرجون إلا والسكاكين المشحوذة تسكن ثيابهم، ومن القطة عمروشة التي تتسلل رغم كثرة الكلاب فقط لتسرق الطعام لأبناءها.
أمر بين صفائح القصدي ... نشأت في منطقة تقيم الموت في أحد أكواخها، تخرج ليلا سكرانة متمايلة دون أن تنسى قائمة المستهدفين أبدا، وتعود قبل الفجر تاركة ورائها جثثا ودماء وصياحا وأحقادا كثيرة.
لا أتذكر أنني إرتديت تبانا، حتى قضيبي نشأ متوحشا متمردا كالسفاحين تماما، لا يعترف بالقوانين وبالتقاليد، مجرما وقاسيا. لم يعلمني أبي كيف يمكنني البقاء على قيد الحياة، بل تعلمت ذلك من الناس الذين لا يخرجون إلا والسكاكين المشحوذة تسكن ثيابهم، ومن القطة عمروشة التي تتسلل رغم كثرة الكلاب فقط لتسرق الطعام لأبناءها.
أمر بين صفائح القصدير وبين قوارير الشراب الأحمر خوفا من الجروح، وأبعد قطع الحديد لأصل وراء الكوخ وأنظر يمينا وشمالا وأنحني لأتبول ثم أمسح مؤخرتي بحجرة وأعود حذرا كالعادة.
لم أتعلم حرفا واحدا يمكنني من قراءة ورقة قد تحدد مصيري، بل بلغت هذا العمر أميا كالحيوان، وحين تبلغنا ورقة ترسلني أمي بعد التهديد إلى كوخ الشيخ حمدة ليفسر لي مضمونها، وأعود مسرعا لكي لا أنسى ما قاله، لكن رغم ذلك لا أتذكر أكثر من نصف الكلام. كانت أمي تمنعني من الخروج ليلا، وتحاول إخافتي بأن الخروج ليلا هو إنتحار، فالموت تتنقل بين الأكواخ كالدخان لتنفذ مخططاتها، والخروج ليلا قد يسهل عملية مقابلتي بها.
لقد صورت لي الموت في هيئة عجوز طويلة منحنية الظهر، بشعة المظهر وخصلات شيبها خارجة من غطاء رأسها، أنفها معقف وأسنانها الطويلة تفصل بينها فراغات كثيرة. كنت أتشمم رائحة الخراء الآتي من خلف الكوخ، وكنت أخاف كثيرا من ذلك الكلام حتى إكتملت صورة الموت في ذهني، بل أكثر من ذلك، صرت أستشعر مرورها أمام الكوخ، وأسمع صوت خطواتها الثقيلة وظلها الذي أراه تحت الباب كيف يمر ببطئ، وزادت ثقتي في كلام أمي هي الأخبار التي أسمعها كل صباح، إسم المقتول والسبب في وفاته. أسمع كل تلك الأخبار صباحا وأنا في فراشي، حين تكون القطة عمروشة ملتوية ورائي تبحث عن الدفئ، وأمي أمام الكوخ رفقة إحدى النساء اللواتي جلبن الخبر الروتيني، يتحدثن بإستهجان عن بشاعة الجريمة وعن كثرة القتلى هذه الأيام.
بعد ذلك وحين تقدمت في العمر قليلا لم يعد أمر الموت يخيفني، بل أتشوق لرؤيتها وتأمل وجهها، وتحولت تلك الرغبة إلى إرادة جامحة لقتلها وتخليص الناس منها ومن أفعالها ومن القصص التي أخافت وأرعبت جيلا بأكمله، جيل حرم من السهر ومن التنقل ليلا دون خوف ودون رهبة من عجوز شمطاء يجب أن تموت وتنتهي المشكلة.
صرت أترك أمي وحيدة دون أحد يسهر معها في ليالي الشتاء الطويلة، خاصة بعد أن ماتت عمروشة وتركت عشرات أبناءها سائبة بين الأكواخ وفي الطوابي، لا يعرفون أن أمهم تدعى عمروشة ولا يعرفون أنا كوخنا هو المكان الذي ولدوا داخله وهو مهدهم الأول، بل يتزاوجون ويقتلون بعضهم من أجل الإيناث. وأنا رفقة البعض من الأصحاب نسهر في الخارج ونسكر ونحشش ونخطط لعمليات خطيرة ومتنوعة، نريد أن نعيش فاعلين في هذه الحياة القبيحة التي لم تنصفنا منذ البداية، والتي زرعتنا في مكان سيء كهذا المكان. كنت أشرب دون كأس، بل أضع فوهة زجاجة الشراب الأحمر بين شفتاي وأبتلع الشراب مباشرة بعد كل نفس من سيجارة حشيش.
إرتقت أهدافنا أكثر فخرجنا أول مرة للعالم الخارجي، صدمنا المنظر، ظننا في البداية أن ذلك هو مفعول ما نشربه وما ندخنه، لكن إستوعبنا الحقيقة بعد أن زال المفعول. إنها المدينة، عالم مواز للعالم الذي ولدنا فيه، سيارات ودكاكين مصففة ومحلات حلاقة ومحلات ملابس، وأخرى للأكل وأخرى للميكانيسيانات. وإكتشفنا أن الشراب له محلات والقهوة أيضا يشربونها في محلات كلها كراسي وطاولات وورق وأغاني طربية تخرج من النوافذ ومن الباب لتحتل مساحة أمام المقهى.
صرت أنا الآخر لا أخرج إلا وسكيني معي، لا وقت للرجاء وللتوسل في بعض الأحيان، بل الحل عندها هو سحبها في ذلك الظلام وغمسها في صدر من أمامي أو وضعها على رقبته وسحبها بكل قوة وسرعة حتى تسمع شخيره وتتحسس الدماء كيف تبلل يديك. ولا تفعل شيئا بعدها غير سحبها وتنظيف وجهيها على ثيابه بعد أن يسقط وترجعها حيث كانت. هكذا تدار الأمور هنا دون تعقيد.
لقد عدت فجرا ذات مرة حتى وجدت كوخنا متمثلا في كومة من الركام. لم أستوعب الأمر في البداية وظننت أن الحشيش والشراب قد لعبا بدماغي أكثر من المعتاد، لكنني إكتشفت أن الأمطار والرياح قد حطمت الكوخ الذي لم يصمد طويلا. وإكتشفت بعدها أن أمي تحت الركام، ميتة، دون أن أودعها ودون أن تبوح بأمنيتها الأخيرة.
قامت بعض النساء بتغسيلها ومن بينهن تلك المرأة التي تحادثها صباحا والتي تجلب فقط الأخبار السيئة وأسامي الضحايا، ودفنها بعض الرجال في جنازة صغيرة، وأنا جالس على صفيحة ترنيت كعصفور في العاصفة أقبل العزاء. أول ليلة دون أمي لم تكن مرعبة كما كنت أظن، لكنها كانت دون زمن ودون طعم. شربت وقتها ستة عشرة زجاجة بيرة وزجاجتي شراب أحمر، وبكيت لأول مرة في حياتي دون توقف. حاول أصدقائي التخفيف من حزني لكنني مسكت زجاجة من عنقها وكسرتها على حجرة وهددت كل واحد يقترب مني، لقد خافوا وتراجعوا وتركوني وحيدا قرب المقبرة. إنتابتني موجة من الذعر المخلوط بالحزن، الأمر الذي جعلني أصيح وأهدد تلك العجوز التي لا بد وأنها هي من فعلت ذلك.
لكن العجوز لم تظهر أبدا، فكرت أنها نادمة على فعلتها تلك، وربما هي تريد الإختباء حتى تهدأ الأجواء وتخف الرغبة في الإنتقام، وربما لأنها غير موجودة من الأصل. وجدت أنني الآن سجين أفعالي ورغباتي، لقد كنت في بعض الأحيان تلك العجوز. نعم، لقد أنهيت حياة شخصين منذ مدة قبل أن أعود إلى الكوخ فجرا.
لقد كان الأول بائع حشيش يدعى عرعار، لا قيمة له في العالم غير أنه يتاجر في الحشيش طوال عمره بعد أن كان أبوه وقبله جده يفعلون ذلك. هو يجلب سلعته من بعيد عبر طرق مختلفة وحيل متنوعة، ويوزعها في المنطقة بالتفصيل.
داهمتني فكرة أن أبيع الحشيش أنا أيضا، فتجارته مزدهرة دائما ومرابيحه يمكن أن تنقذني من السقوط في قاع الإحتياج. لكن لا يمكن ذلك وعرعار يسيطر على التجارة هنا، لذلك يجب أن يتوقف عن ذلك أو أن يهجر المنطقة إلى الأبد. لكن عرعار رجل سيء الحظ، لم يختر أحد الفرضيتين ولكنه واجه التهديد بتهديد آخر. حرضت جماعتي ووعدتهم بنصيب هام من المرابيح إن ساعدوني في الوصول إلى الهدف. شحذت سكيني كالعادة وتوجهت نحو الكوخ الذي يعيش به، وقفنا بالخارج وأحكمنا غلق باب الكوخ بشده بعمود يمنع صاحبه من الخروج. سكبت البنزين على السقف وعلى الجدران، ورميت عود وقيد كان بين إبهامي وسبابتي حتى إندلع حريق لا يعرف فاعله ولا صاحبه ولا أي شيء.
في الصباح تفشى الخبر بين الناس كالنار في الهشيم، الخبر هو إحتراق كوخ عرعار بالكامل. قال بعضهم أن السبب هو سقوط الفتيلة على فراشه وهو نائم، وقال البعض الآخر أن الخراء لا ينتظر منه غير الروائح الكريهة وأن عرعار قد لقي مصيره المنتظر. وقال آخرون لأبناءهم أن الفاعل هو تلك العجوز التي تغادر كوخها ليلا وتعود قبل الفجر بعد أن نفذت مخططاتها. تيقنت وقتها أن العجوز غير موجودة، وأن الحقد الدفين في صدور الناس يمكن أن يحول أي شخص إلى تلك العجوز.
أما الشخص الثاني الذي أنهيت حياته هو الشيخ حمدة، والذي ذنبه الوحيد أنه كان متواجدا في مكان وزمان غير مناسبين. كنا نسهر في أحد الزقاقات المظلمة، نقتنص الرجال والنساء وكل من يشتبه في حمله لشيء يمكن إفتكاكه، نختفي في الظلام ونستشعر إقتراب أحدهم فنلتزم الصمت حتى يصل. عندها نظهر له كالاشباح، نطوف حوله فيبكي ويصيح ويتوسل، ثم يقوم بإفراغ جيوبه دون أن نتفوه أو يتفوه هو بكلمة واحدة.
لن يأتي أحد لإنقاذه حتى لو سمعوا الصياح، لن يضحي أحد بحياته من أجل إنقاذ غيره، إذ يجب أن يقتنع بالقدر وحده فيتداول الخبر في الغد بين الناس دون قوانين تظبطه. هذا هو سبب خراب البلد ودماره، الكل يريد قصف الكل، لا أحد يريد إنقاذ غيره، كلهم يفكرون في حياواتهم النفيسة، وحين يقعون في الفخ يتوسلون ويطلبون الرحمة دون إستجابة.
مر الشيخ حمدة من هناك ذات ليلة، لا أدري أين كان وإلى أين هو ذاهب، كما لا أدري كذلك أنه الشيخ حمدة الذي خيره علينا كثير حين كانت أمي معي في الكوخ. كان لا يفوته رمضان أو عيد فطر إلا ويعطينا قفة مؤونة تكفينا أسبوعا كاملا، وتكفينا لشهر تقريبا إذا أحسنَا التصرف. كنت قد دخنت الكثير من الحشيش وقتها وشربت قارورتي شراب أحمر، لم أكن واعيا أبدا، لقد صرت تاجر حشيش في المنطقة دون منافس، أصحابي صاروا مساعدين يزودون الناس بها ويقبضون ثمنها ونصفي حساباتنا آخر السهرة.
كنت جالسا على حجرة حتى إقترب الشيخ حمدة، يهرول بعصاه الغليظة، وبسرواله الأبيض الناصع في ذلك الظلام، لقد تجمعوا حوله وبدؤوا في ركله وشتمه دون رأفة ودون أن يتكلم. لم أفكر كثيرا، لقد أمرتني النشوة بسحب سكيني من جيبي ووضعها على رقبته، فعلت ما فكرت به، لكنني وضعتها بقوة وسحبتها نحوي حتى سمعت شخيرا دون أن أعلم أنني ذبحت الشيخ حمدة الذي لم أعاكسه يوما ولم يسمع مني كلمة سيئة أبدا.
حين بدأت السكرة في التلاشي تيقنت أنني فعلت ما لم تفعله الثعلب بالدجاجة، إستوعبت معلومة غير منطقية، لقد ذبحت الشيخ حمدة. لكن الحاصل هو أن الأمر قد حصل، واللوم بعد القضاء بدعة كما كانت تقول أمي والمهم وقتها هو التخلص من الجثة ودفنها مع الحقيقة في نفس الحفرة. وذلك ما عملنا عليه إلى غاية الفجر، وساعدنا الحظ بهطول أمطار غزيرة ذلك اليوم، مما عادل بين التراب القديم والتراب الجديد، حتى إنمحى أثر الحفرة. رحم الله الشيخ حمدة، وأتمنى أن يسامحني أمام الله لأنني لم أقصد ذلك، بل قال لي أحد أصحابي أنني ساعدته في هجرة هذه المنطقة وأفعال أصحابها إلى الأبد.
بدأت شيئا فشيئا أتعود على غياب أمي، لقد تعودت على ذلك بفضل الإنتشاء منذ ان أستيقظ إلى أن أنام، أحشش وأشرب البيرة دون إكتفاء حتى تيقنت في نهاية المطاف أن غيابها هو الذي تعود علي. أشتاق كذلك للقطة عمروشة التي غلبت جيناتها جينات الذكور الذين جامعوها، فأنجبت قططا كثيرة تشبهها ولا تشبه آباءها، تعجبني عمروشة لأنها هزمت الطبيعة وفرضت نفسها وجيناتها على الذكور، حتى أنجبت نسخا منها، فكل مكان أتواجد به إلا وأجد عمروشة هناك، إما تقتنص فأرا أو تلعق يديها وتمسح وجهها أو ترفض التزاوج من قط. أبناءها لا يعرفونني أبدا ولو كانت هي حية لإقتربت مني ولقفزت في حضني كعادتها، تبحث عن الدفئ وعن من يفرك وبر رأسها. لكن أبناءها ينظرون إلي نظرة غير عادية قبل أن يهربوا، هي ثوان قليلة يدققون في وجهي دون تحريك جفونهم، ثم يقفزون ويتبخرون في الهواء.
ها قد تقدمت الأعوام دون أن أشعر بها، ولم أدخر شيئا في هذه الحياة فقط بيت صغير ملقى بآخر الحي الذي حل محل الأكواخ، وجريمتي قتل أتحمل وزرهما إلى يوم الدين، هذا وقد تركت المنطقة في فترة ما دون تاجر حشيش وفي وقت آخر دون تاجر دين أو بالأحرى دون الشيخ حمدة الذي أقنعني أن أقتل عرعار الذي يبيع الحشيش، وقال لي أن عرعار مصيبة، وحلال قتله وتخليص الناس منه. أظهر الكل ..
Je suis un misérable riche
(Traduit de l'arabe par la journaliste egyptienne Ahlem Maataoui)
Onze heures à New York, la dixième nuit à Mumbai, et cinq heures dans ce quartier populaire peuplé qui n'est pas soumis aux lois de l'État.
J'assis a mon balcon avec vue sur la petite approche, je coupe mes ongles après une douche passionnante et je les jeter dans l'air comme une danceuse qui cendre les cigarettes par la fenétre de sa voiture. Les ongles volent et ...
Je suis un misérable riche
(Traduit de l'arabe par la journaliste egyptienne Ahlem Maataoui)
Onze heures à New York, la dixième nuit à Mumbai, et cinq heures dans ce quartier populaire peuplé qui n'est pas soumis aux lois de l'État.
J'assis a mon balcon avec vue sur la petite approche, je coupe mes ongles après une douche passionnante et je les jeter dans l'air comme une danceuse qui cendre les cigarettes par la fenétre de sa voiture. Les ongles volent et descendent lentement vers le bas, manipulés par le vent et s'installés sur un chariot d'un vendeur qui vend des gâteaux du troisiéme choix, et qui avoir pris la porte de l'immeuble comme son propre fond de commerce.
J'imite les riches, chanter avec cacophonie quelques chansons d'Opéra et parler avec une faible francaise a un chat qui surveille très soigneusement toutes mes actions et prêt à sauter vers un autre balcon à tout moment.
Mon balcon ou j'assis est parmi vingt balcons existent dans cette approche, presque chacun avec une chaise et un vase ou deux, et une corde pour le séchage des vêtements.
Le dimanche, est un jour terne et qui passe très lentement, où les chats sautent du balcon à l'autre pour voler le poisson et pour l'accouplement, et ou les oiseaux construirent les nids.
Les femmes mettent leurs mains sur les isolants ferroviaires des balcons et elles rient et parlent sur les conditions des voisins, sans respect des enseignements de la religion et les educations des grands-parents.
Elles passent leurs journées a manger le chewing-gum avec impatience et de faire une petite boule d'air et on fait l'exploser, ce qui produit rapidement un son comme la friture du Maïs, et le reste de chewing-gum sera collé a leurs lévres gonflés. Mais elles restent fait ca des milles fois chaque matin.
Les gouttiéres sont cassés, l'eau des surfaces fuit à l'extérieur des murs et humidifie les petits balcons qui sont devenus vétustes fissurés à tomber, et le propriétaire de l'immeuble refuse de le réparer parce qu'il évite d'engager des dépenses d'entretien, car il adopte une étroite d'austérité.
Une forte densité de population dans cette approche malgré son exiguïté, il est une voie de courte durée par rapport a la rue principale, et se tient par les vendeurs pour son mouvement. Cette approche contient aussi les chaises d'un café et elle devient parfois un espace pour mettre en place des mariages, qui se termine par la demande de l'aide, résultant d'une violente bataille entre les jeunes.
Mon balcon se caractérise par une vue sur le soleil inquiétant d'aprés-midi, et qui n'admire pas les gens autant qu'ils aiment le soleil du matin rafraîchissant et plein d'espoir.
Les vendeurs crient toute la journée et mettre la musique de Raï algérien bien-aimé dans ce milieu, comme des moyens de faire connaître leurs produits au public. Èperlan de leurs marchandises un agréable odeur des plats délicieux comme celui dans les marchés populaires. Tout cela avec les chansons d'Om-Kalthoum et de Farid Al-Atrach sortant dés sallons de coiffure et les ateliers des mecaniciens et de couture, qui produisent un mélange extra-ordinaire.
Tout à coup, j'écoute un client qui est revenu dans le quartier rapidement, en criant fortement en face d'un vendeur des gâteaux et le menaçant en communiquant avec les agents de police. Le client a trouvé des ongles dans un morceau de gâteau qui a acquis avant une demi-heure, il le manger et le retirer de sa bouche.
Puis, j'arrêté de chancer avec cacophonie l'Opéra, et j'engager dans le rire hystérique, sans crainte de la punition difficile du Dieu.
أظهر الكل ..